في عيدها، يكتب الإعلامي/الزبير نايل (أمي..كلُ الينابيع تجف إلا ينبوعك)

في عيدها،
هيام الأسد

تحريــر : هيام الأسد

أمي وإن ملأَ المشيبُ عوارضي

سأظلُ طفلا عندها أتدَللُ..

وتظلُ أمي فوق كلِ مُهمةٍ

حتى شُموخي عندها يتذللُ

**********

مهما تجاسرت اللغة وتلونت حروف الأبجدية وبلغت سدرةَ منتهى بلاغتها وقوة سبكِها وحبكِها ونضارة معانيها فهي عاجزة وخجولة أمامها .. ومهما كانت الكلماتُ مصقولةً والعباراتُ مدهونةً فهي في حضرتها غياب.. 

لا شيءَ يعدل كفتك يا أمي، لأنها الراجحة دوما ولو قابلتها شواهق الجبال.. ولا ضياءَ يمنح روحي إشراقا مثل ضياء قلبك، ولا بريقَ ألمع من ابتسامتك المبذولة بسخاءِ السحاب على الأرض اليباب..

عندما يستبدُ بي الحال وتضيق نفسي أهرب إلى ضفاف عيني أمي سعدية عباس واتعلقُ بكفيها ودموع دعائها وأنفاس رجائها وهي متضرعة لأن الخير ينبتُ من بين أصابعها فيأتي الفرح سريعا.. ورائحة الفرح في عيني أمي زكيةٌ جدا كعطر قلبها.د

أمي..كلُ الينابيع تجف إلا ينبوعك فهو لا يعرف النضوب، وكل السحب عابرة إلا سحابتك فهي دائمة الهطول ولاتعرف تعاقب الفصول..وكل الألوان تبهتُ مع مرور الزمن إلا لون حبك فهو يزداد مع الأيام وهجا ونصاعة ولمعانا..

عندما أهجعُ وأغيبُ في عالم المنام تسافر  روحي وتهاجر لترقد في محضنها الأول هناك في صدرك الحاني فتأتي أحلامي زاهيةً مبتهجة وتغرس في قلبي اليقين .. فحضنُ أمي يزرع السكينة ويبدد الخوف والقلق …

منذ أن كنتُ علقةً ثم مضغةً ربطني بك حبل سري ينقل لي نبض الحياة وحملتيني وهْناً على وهنٍ، وبعد أن خرجت للدنيا ظللتِ تنسجين بصبر الصالحين على ذاك الحبل فيضَ عطفك ومحبتك وكريمَ رعايتك لتشرق وتزهو حياتي..

أمي.. ها أنذا قد كبرتُ ومضتْ بي سنوات العمر لكنني ما زلتُ في عينيك ذلك الطفل الغرير الذي يُناغي في هجعة الليل والناس نيام وأنت تتبسمين وتهدهديه بجميل الأماني بصوتك الحالم الودود..كنتِ تنكرين ذاتك من أجل تكوين ذاتي...

أمي.. عندما أكتب عنك فأنا أجلس في شرفات الجنة لأن الجنة تحت قدميك..أشتم رائحتها وأنعم بطيب أريجها… عندما أكتب عنك فأنا أغسل روحي واتطهر لذاتي…وبحبك أتعشم أن يضئ الله دربي وترتفع راياتي … 

دعوات قلبية مُحبةٌ وصادقةٌ أن يطيل الله عمرك ويبارك فيه ويدثرك بثوب الصحة والعافية… ولك علينا دَينٌ أن نكتب عن عظمة قيادتك وأنت تُبحرين بسفينتنا حتى بلغتِ بنا الشواطئ الآمنة … 

أمي… شكرا .. لك محبتي وامتناني ..