وداعا قبطان الفن العربي

وداعا قبطا
د/رؤى الطريفي

تحريــر : د/رؤى الطريفي

 

        قضيت يوماً بليلته  و أنا أكتب و أمحو... عجبت لنفسي و لحزني.. لماذا أصابني كل هذا الحزن؟؟ لكنني حين خلوت إلى نفسي ليلاً وجدت تفسيراً لهذه الغرابة...

    علاقتي به لم تكن علاقة عادية.. برغم أني لم أعدو عن كوني مجرد واحدة من ملايين المعجبين والمعحبات.. إلا أنه لم يكن مطلقاً مجرد ممثل أو فنان...

     حين بدأ وعيي يتشكل.. كان ضابط المخابرات ( قلب الأسد) في رأفت الهجان قد تسلل إلى عقلي الباطن ليرسم صورة فتى الأحلام. بالشخصية القوية و الذكاء الذي يشع من عينيه.. بنبرة صوته الرخيم المميز.. بضحكاته و صمته.. بسمرته التي تشبه أبي.. بمشاعره المختلفة بين الوطنية و الإنسانية بين الحزن و الفرح .. بشخصيته الحازمة الصارمة اللطيفة الرقيقة في آن معاً.

      أخذني معه مرة أخرى في طريقه إلى إيلات.. بكل التوجس و المخاطرة و القلق و الحذر.. بكل الفرحة بالانتصار والعودة  لحضن الوطن.

       كان مجرد وجودة في مشهد واحد كفيلاً أن يجعلني أتسمر أمام الشاشة لا أنبس ببنت شفة..

     كبرت و أنا لا تزال تشدني كل المسلسلات و الأفلام التي يكون جزءاً منها..

       ما زلت أذكر ذلك الرجل العاشق ..رجل الأعمال الطموح.. و كيف كان يعيش صراعاً درامياً بين طموحه و عمله من جهة و بين زوجته التي عشقها و هام بها من جهة أخرى و كيف أنه لم يستطع السمةد في وجه الطوفان.. و لم يفشل في كسب تعاطفي و سكب دموعي  في لقائه مع الأسطورة ( شيريهان) في النسخة التلفزيونية من رائعة احسان عبدالقدوس (دمي و دموعي و ابتسامتي )

       كثيراً ما توقفت عند ذلك الصعيدي العاشق ( الجدع)  الهارب من الثأر إلى الاسكندرية.. ليقع في عشق فتاة جميلة يحول القدر بينه و بينها ليجعله القدر عوضاً جميلاً لامرأة أخرى كسر قلبها زوج قاسٍ خائن .. فاستطاع ببراعة أن يمنح إحدى أجمل شخصيات (زيزينيا  أسامة أنور عكاشة) روحاً و يحولها إلى لحم و دم..

    لم يفشل يوماً أن يبهرني حين يتتقل في دور الأب العظبم ذو القيم و المباديء.. الأب الحكيم.. الذي ينطق بلغة لا تشبه سواه.. كنت دائماً على يقين أنه يتمرد على المؤلفين و يكتب حواره بنفسه.. بلغته الخاصة.. بمفرداته التي لا تشبه سواه.. تماماً كما في( لأعلى سعر) او ( القاهرة _كابول)..

أما الدرس الأعظم  بالنسبة لي فقد كان ( ونوس) 
كان هذا هو الدرس الأهم في حياتي..الرجل الضعيف.. الذي يبيع نفسه للشيطان ذات مساء فيترك زوجته و أطفاله و يذهب فيعيث في الأرض فساداً و يقترف كل الموبقات.. لكنه يصحو و يعود بكل القوة ..
الرجل المؤمن حبن يعود إلى الله صادقاً فيقبل الله توبته و يحول بينه و بين الشيطان..
 هذا العمل تحديداً هو (كورس تمثيل) مجاني لكل ممثل أو موهوب مبارزة رباعية يجب أن تدرس (الحلفاوي.. الفخراني..هالة صدقي و حنان مطاوع).. تفوقو جميعاً على أنفسهم و وضعونا في حالة تصفيق متواصلة لا تنقطع و لا أيدينا تتعب منذ المشهد الأول حتى آخر جملة في آخر حلقة..
      
        لو ظللت أسرد لما وسعتني الحروف.. و لما أوفتني اللغة... 

كانت قائمة أحلامي تتضمن أن ألتقيه و لو لمرة واحدة و أجلس لساعات أستمع إليه كما كنت أفعل في المدرسة... 

       لكنها الدنيا... كعادتها معي.. تسرق أحلامي الواحد تلو الآخر...

رحمك الله يا قبطان.. 
#نبيل_الحلفاوي

#إسورة_فضة : الفن هو الذي يهذب الأرواح و يجعل منا أكثر إنسانية في عالم مليء بالقبح..

#إسورة_ذهب: حين تكون شخصاً ذو مباءيء و قيم يقذف الله محبته في قلوب كل من يلمح وجهك...