ثمانيةٌ وَعشرونَ امرأة تسكنني!

ثمانيةٌ وَ
د/اشراقة مصطفي

تحريــر : د/اشراقة مصطفي

إمرأة شجرة، تظلّ خضراء يانعة طول فصول العمر.. طول أنهار الحياة

مثل جبل عنيد يقف شامخاً ولايهاب الزلزلة

امرأة أنا، يسكنني ألف ذئب يعوي بسرّ الليل، والنقرات السريعة

وأهرب من رصاصها الرمادي إلى الماء والعشب والجبل

لا أعاند ماتمطره

تلك القصائدُ والأغنيات 

تلك من عذوبة الروح ،وعذاباتها تنهمر

وتناديني لأسكن على عشب الجبال، جارة لوردة ايديلفايز التي يتفتق شوكي فى بتلاتها بألف سؤال

امرأة واعية ونبيلة، عرفت كيف تحميني وتحمي ذاتها فى ذاتي من أكذوبة التضامن بين النساء

وشجرة الباباي تذرف كلوروفيلها وشماً في قلب كنت مثلي.. مثلها.. مثل هذه وتلك إنّه لنا مأوى.. مودة ورحمة!

امرأة تشاركني الخبز والهمّ والحبيب

امرأة تبتسم فى وجهي وتطعنني من خلف

ومنها دمي مُراً، ومالحاً يسيل

نموتُ معاً

وتحيا من ضلعي اليسار ألف ازيس وليليت

ثمانيةٌ وَعشرونَ افروديت 

كلهنّ ينطلقن فى شراع عواصفي وريحي ومطري وناري وحبري

بعد أنْ تشاركنا الدمع والملح والجراح

امرأة أخرى أرى دمعاتها تجمّدت ملحاً فى عين أمي اليسرى

وأنا أغضّ عنها طرف الحلم الأناني

على جوارها وناري يتقلّب حبيبها وحبيبي

كيف تتجاسر بالنظر خلسة فى عينيّ

وكيف أفعل؟

وردة هنا..

عطرً هناك

ومجنونة تركض أفراسها في صحراء الذات

فى شجن الشجر

أكثرهنّ شراسة امرأة متناقضة، تبتسم فى وجهك وفي يدها مطيّة تلمع كلمح تقاسمناه ذات مدينة

حين أسريت لها بعشقي المستحيل

امرأة حيّة.. إلتفّت حول شجرة التفاح .. لاتلدغ إلاّ من الأمام

وخلفها تجرّ أشواك السؤال

تسكنني أخرى، طيّبة، ونبيلة، وتنشد معي لمزامير الوفاء

تلك التي تسكنها رابعة العدويّة

 تلك التي تعرف معي الطريق

طريق متعرّج، متحدرج ،مسكون بالشياطين

شياطين النفس الأمّارة بالحبّ البديل

امرأة أغنية، تسكنني بالدندنات والحياة والدمعات الوفيّة

 تسكنني ثمانية وعشرون امرأة..

أتحسّس ضلعي اليسار

طين وصلصال

حبلنا به

ثم ربّيناه

وجعلناه سيّداً منذ ألف ليلة وليلة

وأسكنّاه هارون الرشيد

مامعنى الحريم؟

يتبرعم مَن اشتهيناه

وردة يعرف عنفوان عطرها باتريك زوسكيند

وجبل علي الجوار يبتسم

ويغريني السلام

ثمانية وَعشرون امرأة تسكنني

عنقاء

تعيد للأحجار براءاتي الأولى

نار أنا.. تضيء وتحرق

ومسكني الأزلي العتمة  الرحيمة

مرآتي فى الليل

أمدّ يدي

أمسح دمعاتها

تلك التي تبكي

وجرح من خلفي ينزف بذات السؤال

كم حمامة تشدّ جناحها وتنطلق؟

ثمانية وَعشرون امرأة تسكنني!

 

---------------------------

صدرت مؤخّراً في كتابي ( فيينا نخلة الحنين والكتابة) ٢٠١٦ عن دار صفصافة  بالقاهرة.